قصة الصحابي الذميم الذي قال عنه رسول الله أنت مني وأنا منك وتسابقت عليه الحور العين.

 كان جليبيب رضي الله عنه من الصحابة الذي كان  من بني ثعلبة من حلفاء الأنصار، وكان جليبيب دميم الخلقة أي ليس به جمال وفقيرا من المال والجاه .

ومسكنه المسجد وفراشه الأرض ووسادته ذراعه، و لا نسب له ،ملابسه رثة ، وكان يشتغل في تنظيف المسجد  .

جليبيب



 لكنه كان تقيا نقي القلب ،مؤمنا ورعا يصلي دائما في الصف الأول ويحب مجالسة رسول الله، وسنذكر قصة زواجه العجيبة ووفاته و مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقال أن جليبيب ليس اسمه الحقيقي ويشاع أنه سمي جليبيب لأنه لم يكن يملك سوى جلبابه البالي، أما اسمه الحقيقي فليس معروفا.

قصة زواج جٌليبيب

ذات يوم سأل محمد صلى الله عليه وسلم جليبيب:"ألن تتزوج ياجليبيب" قال جليبيب:"ومن يزوج جليبيب" أي من سيقبل أن يزوجني ابنته وأنا لا مال لي ولا نسب ولا جمال .

 فأرسله رسول الله ليخطب فتاة من القوم، فذهب جليبيب لخطبتها وحين دخل وبينما هو جالس مع أبيها فقال :

" لقد أرسلني رسول الله لخطبة ابنتكم" قال الرجل مبتسما:"أهلا برسول الله" وهو سعيد جدا  ظنا منه أن رسول الله من أرسله ليخطبها لنفسه( الرسول هو من سيتزوجها) .

 فصحح جليبيب الكلام وقال بل يسألكم أن تزوجوني إياها، فٌأحرج الرجل و طلب منه أن ينتظره ليشاور زوجته.

دخل الرجل إلى زوجته وأخبرها بالأمر ،فاستبشرت وقالت :"نعم ونعمين برسول الله, ومن يرد رسول الله "قال الزوج: 

"ليس يريدها لنفسه إنما لجليبيب" فانصدمت وقالت وهي غاضبة :"لا لعمر الله لن نزوجه ابنتي وقد طلبها فلان وفلان للزواج" .

 سمعت البنت الصالحة التقية حوار أبويها فقالت:" أتردان رسول الله عن أمره ، ادفعوني إليه ،فإنه لن يضيعني أبدا" .

 لم تهتم بالفوارق ولا بالمال والنسب والجاه والجمال بل بالتقوى وطاعة أمر رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى .

هكذا هو الإيمان القوي الصحيح، فذهب الرجل أي أبوها إلى رسول الله و أخبره أن ابنته موافقة على الزواج قائلا:

" شأنك بها" وهكذا زوج رسول الله جليبيب بالفتاة ودعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" اللهم صب عليها الخير صبًا ولا تجعل أمرها كدًا كدًا".

قصة استشهاد جليبيب

ليس معروفا الزمن بالتدقيق ،لكن يقال أنه في ليلة الوليمة أي حفل الزفاف ويقال بعد أيام من زواج جليبيب من الفتاة نادى مناد للغزو، أي خرج رسول الله في غزوة مع أصحابه ضد المشركين .

 فخرج معهم جليبيب تاركا زوجته العروس في أول أيام زواجهما وبداية حياتهما الزوجية معا، ففضل أن يلبي نداء رسول الله على أن يتخلف عنه  ليستمتع بزواجه .

 وهكذا كان حتى تجهز القوم وبينهم جليبيب للغزوة، و بعد انقضاء الغزوة ونهايتها ،أخذ كل يبحث عن أهلهم وأحبابهم بين المصابين والشهداء والناجين .

فقال محمد صلى الله عليه وسلم :"هل تفقدون أحدا" فذهبوا و أحضروا بعض الأفراد فقال لهم مرة أخرى :

"هل تفقدون أحدا"، قالوا :لا يا رسول الله لا نفقد أحدا، أي بعدما بحثوا وأحضروا كل أهاليهم وأحبابهم فقال رسول الله: 

"إني أفقد حبيبي جليبيب" فذهبوا وبحثوا عنه في مكان الاقتتال ووجدوه مستشهدا و حوله سبعة من المشركين الذين قضى عليهم ثم استشهد، وجدوه ممزقا لا يخلو طرف ولا عضو منه من الجروح .

 حملوه إلى رسول الله، ووضع رأسه على ركبتيه الشريفتين وهو حزين فجأة أشاح برأسه مبتسما ،فسأله الحاضرون ما أضحكك وأشحت بوجهك يارسول الله؟ فقال: "إني وجدت الحور العين يتسابقن للظفر بجليبيب" .

فأمرهم أن يحفروا له قبرا، وقيل أنه طول تلك المدة التي كانوا فيها يحفرون قبره  وما كان مكان لجليبيب إلا على ساعدي رسول الله أي كان يحمله  ،وهو يقول:" أنت مني وأنا منك".

أما أرملة جليبيب فما إن أكملت العدة بعد وفاة زوجها  حتى تهافتت طوابير الخطاب والرجال من القوم  طالبين منها الزواج لحسن سيرتها و لأخلاقها وإيمانها وطهارة وصفاء قلبها من الأمور السطحية و الدنيوية الفانية.

العبرة من قصة جليبيب

العبرة من القصة هي عبر جوهرية كبيرة وعميقة ،وهي أن الله ورسوله لا يهمها ما يملك المرء من مقومات سطحية دنيوية ،والتي تشمل ما يتعلق بالمال والجمال والنسب واللون والمسكن والمشرب .

إنما إلى نوايا الشخص و أخلاقه و عبوديته الصحيحة لله وإيمانه به إيمانا صافيا صادقا كإيمان جليبيب .

 كما تظهر قصة جليبيب أن المجتمع للأسف أغلبه إلا من رحم الله وآتاهم الحكمة والحلم والتقوى أصبح يهتم بالمظاهر والسطحيات وينسى الجوهر .

لهذا عندما سألهم رسول الله عن من فقدوا لم يتذكر أحد جليبيب ،ذلك المسكين الذي لا حول له ولا قوة لكن رسول الله ذكره وطلبه وأظهر لأصحابه حبه لجليبيب واهتمامه به حتى بعد وفاته، ليلقنهم درسا في أن لا يحتقروا أحدا لعله خير عند الله مقاما وأعلى درجة.


هذه القصة فيها عبر مهمة خاصة في زمننا هذا لكن للأسف أنها ليست معروفة ولا متداولة كثيرا والعديد  من المسلمين لا يعرفونها .

إذا استفدت منها قم بنشرها ومشاركتها مع أهلك وأصدقائك عبر زر المشاركة أسفله لتعم الفائدة💚وشاكنا تعليقك أسفله.



وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-